Back to Home العربية
NYU Pathfinders logo
إجراءات متوائمة لتتبع المساواة: المملكة المتحدة

مكتب الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة: إرشادات لمواءمة المقاييس المتعلّقة بالهوية

6 يونيو 2023
تأليف: أماندا لنهاردت

في عام 2008، قررت حكومة المملكة المتحدة أن توائم فيما بين المعايير المعتمدة في جمع الإحصاءات المتعلقة بالهوية العرقية والوطنية والدينية، والإبلاغ عنها. وفي عام 2020، أنشأت فريق العمل المعني بالبيانات الشاملة من أجل تحسين الشمول في النهج الذي تتبعه الحكومة لجمع البيانات والأدلة بشأن المساواة والإدماج، وتحليل هذه البيانات والإبلاغ عنها. وبيّن فريق العمل مجالات أخرى يمكن تحسينها لمواجهة التحديات التي تعيق الإبلاغ عن الهوية في الإحصاءات الرسمية.

تكتنف عملية جمع البيانات المتعلّقة بالهوية وتحليلها تحدياتٌ، وتحكمها في الكثير من الأحيان اعتباراتٌ سياسية. وفي عام 2008، قررت حكومة المملكة المتحدة مواجهة هذه التحديات عبر السعي إلى المواءمة فيما بين المقاييس الإحصائية المتعلقة بالهوية والمستخدمة في جمع بيانات تعداد السكان، وفي الإدارات الحكومية التي تتتبّع التأثيرات التوزيعية لهذه المقاييس. وفي السابق، كانت الإحصاءات الوحيدة المتعلقة بالعرق والمتوفرة بشكل منتظم هي التي ترتكز إلى بلد الولادة، إلا أن هذا التفسير محدود ويفقد من أهميته بالنسبة إلى العديد من الأفراد في المملكة المتحدة.1

وبين عامي 2008 و2010، عُقِد عدد من حلقات العمل والمشاورات من أجل وضع تعاريف ومقاييس متوائمة بشأن الهوية العرقية والوطنية والدينية، شارك فيها مكتب الإحصاءات الوطنية، وممثلون حكوميون من بلدان المملكة المتحدة (اسكتلندا، وويلز، وأيرلندا الشمالية)، ولجنة المساواة وحقوق الإنسان، والفريق العامل المعني بمعايير البيانات، وإدارات حكومية أخرى، والأوساط الأكاديمية.2 وفي عام 2011، نُشرت أول مجموعة من الوثائق الإرشادية والمبادئ الأساسية المتوائمة، ثم جرى تحديثها في عامي 2013 و2015 .

وفي عام 2020، ألّف كبير الإحصائيين الوطنيّين (رئيس مكتب الإحصاءات الوطنية) فريقاً مستقلّاً من الأكاديميين والقياديين في منظمات المجتمع المدني من ذوي الخبرات في قضايا المساواة لمراجعة هذه الإجراءات، وتقديم توصيات بشأن كيفية تحسين شمول البيانات والأدلة في المملكة المتحدة. وقد استعرض الفريق آراء مجموعة كبيرة من الجهات على مدى تسعة أشهر من خلال مشاورات مفتوحة عبر الإنترنت، وحلقات نقاش معمّقة بين الحكومة وممثلين عن مكتب الإحصاءات الوطنية، وأكاديميين، وأفراد من الشعب عاشوا تجارب مرتبطة بقضايا المساواة.3

التنفيذ

ليس في المملكة المتحدة إلزام قانوني بجمع البيانات والمعلومات عن الهوية العرقية والوطنية والدينية، ولكن توجب المادة 75 من قانون أيرلندا الشمالية الصادر في عام 1998 على السلطات العامة أن تراعي، على النحو الكافي، الحاجة إلى تعزيز المساواة والفرص عند الاضطلاع بوظائفها المتصلة بأيرلندا الشمالية.4 ينطبق هذا الإلزام على المساواة في الفرص “بين الأفراد من مختلف المعتقدات الدينية، والآراء السياسية، والمجموعات العرقية، والأعمار، والأوضاع العائلية أو الميول الجنسية؛ وبين الرجال والنساء عموماً، وبين الأشخاص ذوي الإعاقة وغير ذوي الإعاقة؛ وبين الأشخاص الذين لديهم معالون والذين ليس لديهم معالون”.5

وتقدم وثيقة المفاهيم والأسئلة المتوائمة بشأن مصادر البيانات الاجتماعية تعليمات مفصلة حول جمع البيانات المتصلة بالهوية العرقية والوطنية والدينية، وغيرها من عناصر الهوية، وكيفية استخدام هذه البيانات وتفسيرها. والهدف من التعاريف والفئات التي تضمنتها الإرشادات هو تيسير جمع البيانات على نحو متسق وشامل، وذلك للمساعدة في رصد المساواة على أساس الهوية بطريقة دقيقة ومتسقة. وقد كُيفت الإجراءات بحسب متطلبات جميع بلدان المملكة المتحدة بحيث تتيح أوجهاً بديلة لفهم الهوية العرقية والوطنية والدينية. ففي أيرلندا الشمالية مثلاً، لا تُطرح على المجيبين أسئلة تتعلّق بالاختيار بين الهوية الشمال أيرلندية/البريطانية والهوية الأيرلندية، امتثالاً لاتفاق الجمعة الحزينة.6 وكذلك، خُصّصت فئة لجماعة الرحل الأيرلنديين، وحُدّدت متطلبات خاصة بجمع البيانات عن الدين تتيح معرفة الانتماء الطائفي.7

وفي إطار تعداد عام 2011 لسكان المملكة المتحدة، أجريت بحوث لتبيان مدى فعاليّة الفئات التي تحدد الهوية، وتسلسل الأسئلة، وتطبيقها. وخلص البحث إلى أن استخدام مربعات التأشير هو طريقة فعالة في تنظيم عملية جمع البيانات، وتخفيف العبء على المجيبين، وجعل معالجة البيانات أكثر كفاءة.8 وما كان من الممكن شمول كل المجموعات العرقية التي أشارت إليها المشاورات، ولذلك اعتُمدت مبادئ لتحديد الأولويات على أساس المشاورات مع الجمهور والخبراء، والاختبارات، ومدى الحاجة إلى المعلومات بشأن بعض الفئات، ومدى الوضوح وقابلية المقارنة.9 وخلصت البحوث أيضاً إلى أن تسلسل الأسئلة يشكّل عاملاً هاماً في قبول الرأي العام لها، فأوصت بأن يتبع السؤالَ عن الهوية الوطنية سؤالٌ عن الانتماء العرقي، ومن ثم سؤال عن الدين.

التكلفة

لا تتوفّر معلومات مالية عن هذه السياسة. وأشارت إحدى المراجعات إلى صعوبة توفير موارد في الحكومة لتحقيق المواءمة في المسح والبيانات، مع التأكيد على ضرورة توخي الكفاءة والتوفير في التكاليف “من خلال تفادي تحصيل الحاصل واستخدام مبادئ متوائمة متاحة أصلاً”.10

التقييم

الأدلة المتوفّرة على أثر الإجراءات المتوائمة التي اتخذتها المملكة المتحدة بشأن المساواة، من خارج تقييمات الحكومة، هي أدلة محدودة. وقد يصعب قياس أثر هذا النوع من السياسات. ولا شك في أن المقاييس الإحصائية للهوية تشكّل مدخلاً أساسياً للسياسات الرامية إلى معالجة أوجه عدم المساواة، إلا أن أثرها على المساواة والشمول لن يتبين مباشرة.

وبالمجمل، يُعَدّ التزام المملكة المتحدة المستمر بإعداد مقاييس موحدة وشاملة لتتبع أوجه عدم المساواة نجاحاً في حد ذاته. وليس من السهل قياس الهوية العرقية والوطنية والدينية، ولكنه في غاية الأهمية لفهم طبيعة عدم المساواة ورصد السياسات والبرامج الرامية إلى معالجتها. ويبدو أن مكتب الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة يتصدّى لهذه التحديات ويفتح باب المشاركة أمام المجتمعات المتأثرة.

وبيّن فريق العمل المعني بالبيانات الشاملة الذي أنشئ في عام 2020 أن الثقة والجدارة بالثقة حاجزان يواجهان جمع البيانات بشكل مستمرّ، وخلص إلى أن المشاعر بعدم الثقة في الحكومة تسود المجموعات التي تعاني من الإقصاء، ما قد يحد من تمثيل هذه المجموعات في عملية جمع البيانات. 11 وسلّط الفريق الضوء على تحديات تعيق إمكانية وصول بعض الفئات. وفي عام 2022، نشر الفريق الحكومي المعني بمواءمة الخدمات الإحصائية خطةً مفصلةً بشأن الأنشطة الجارية لمعالجة هذه القضايا وغيرها. 12

ويقدّم مكتب الإحصاءات الوطنية أنشطة في التدريب وبناء القدرات لتحفيز المجتمع المدني وغيره من الجهات الفاعلة في القطاع العام على استخدام هذه البيانات، للمساعدة في إحداث التغيير الاجتماعي.13 وتنشط منظمات عدة من المجتمع المدني في الدعوة إلى استخدام بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية لتتبع أوجه عدم المساواة. ويدعو المجلس الوطني لمنظمات المجتمع المدني إلى استخدام “البيانات المتاحة للجمهور لاكتساب أفكار جديدة بشأن أوجه التفاوت وعدم المساواة في المجتمعات المحلية التي نخدم”. وقد استخدمت منظمات المجتمع المدني بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية لتبيّن أوجه عدم المساواة في الصحة،14 والدخل والتوظيف،15 والإسكان،16 والتعليم على أساس العرق والأصل الإثني.17

المراجع

وسوم