Back to Home العربية
NYU Pathfinders logo
السياسة الوطنية للصرف الصحي: جنوب أفريقيا

سياسة وطنية في جنوب أفريقيا لمعالجة أوجه عدم المساواة في الوصول إلى الصرف الصحي

6 يونيو 2023
تأليف: تريسي جوست، ناشطة في برنامج الزمالة الأطلسية للإنصاف الاجتماعي والاقتصادي

في عام 1994، كان نحو 48 في المائة من سكان جنوب أفريقيا يفتقرون إلى إمكانية الحصول على خدمات الصرف الصحي الآمنة. وأدّى الإقصاء المنهجي للنساء والسود في نظام الفصل العنصري إلى جعلهم الفئة الأكثر تأثّراً بنقص هذه الخدمات. ومنذ ذلك الحين، وُضعت عدة تدابير لمعالجة الوصول إلى الصرف الصحي، من ضمنها السياسة الوطنية للصرف الصحي لعام 2016 .1 وتتقدّم هذه السياسة على السياسات السابقة لأنها تُلزم البلديات (المسؤولة عن الخدمات الأساسية) تطبيق مناهج شاملة للنساء والفتيات وقائمة على المشاركة في صنع القرار وتقديم خدمات الصرف الصحي.

تحدّد السياسة الوطنية للصرف الصحي (2016) المبادئ والأهداف والاستراتيجيات لتوفير خدمات الصرف الصحي بصورة عادلة ومستدامة بيئياً وبأسعار معقولة. ويتمثّل أحد المكوّنات الرئيسية للسياسة الوطنية للصرف الصحي في تعزيز مشاركة المجتمعات المحلية المتضرّرة ومنظمات المجتمع المدني في التخطيط لخدمات الصرف الصحي وتقديمها وصيانتها.2 وتشمل السياسة الوطنية للصرف الصحي 31 عنصراً. يحدّد كلّ من عناصر السياسة القِيَم والمبادئ التي على الحكومة الالتزام بها عند تقديم خدمات الصرف الصحي، ويشمل طرحاً للمشكلة، وتأمُّلاً في السياسة السابقة، وشروطاً لمعايير السياسة المحدّثة والجديدة التي تمّت الموافقة عليها في عام 2016.

وتتضمّن السياسة الوطنية للصرف الصحي ثلاثة عناصر بارزة تعالج استدامة عدم المساواة والاستبعاد على الأمد الطويل في جنوب أفريقيا:

  1. على البلديات توفير خدمات الصرف الصحي الأساسية في المستوطنات العشوائية الدائمة، وينبغي توفير جميع خدمات الصرف الصحي من خلال عملية قائمة على المشاركة.
  2. على وزير المياه والصرف الصحي أن يضع قواعد ومعايير لخدمات الصرف الصحي في المستوطنات العشوائية. وهذه المعايير ضرورية لضمان الإنصاف في تقديم الخدمات للمقيمين في المستوطنات العشوائية التي تشكّل المناطق الأكثر حاجةً لهذه الخدمات، وقد حُرمت تاريخياً من الحصول عليها بشكل يحفظ كرامتها.
  3. على البلديات أن تنفّذ نُهُجاً تركّز على المرأة، بحيث يتم تمكينها لتضطلع بدورٍ هادفٍ على جميع مستويات توفير الصرف الصحي، بما في ذلك المشاورات والتخطيط وصنع القرار وتفعيل الخدمات وإدارتها.3 ويمكن أن يكون لإشراك النساء في قرارات تقديم الخدمات تأثير مباشر على صحتهنّ وسلامتهنّ. فالنساء يعتمِدْنَ على خدمات الصرف الصحي أكثر من الرجال بسبب الاختلافات الجسدية، كما أنّ الافتقار إلى المرافق الصحية يؤثّر على صحتهنّ بشكل متفاوت. ويشكّل استخدام المراحيض المشتركة في الليل خطراً كبيراً على النساء والفتيات، لأنّ موقعها غالباً ما يكون غير مدروس وإضاءتها غير كافية. ولا يمكن تصميم خدمات الصرف الصحي الآمن بشكلٍ فعّال إلا إذا كانت المرأة شريكاً أساسياً في هذه العملية.

التنفيذ

يحقّ للسكان المعوزين الحصول على المرافق الصحية الأساسية المجانية، ويكون ذلك عادةً في شكل مراحيض مشتركة. وتوفّر السياسة الوطنية للصرف الصحي إطاراً يحثّ البلديات على أن تكون أكثر شمولاً في طريقة تقديمها الخدمات. وجاءت هذه السياسة نتيجة عملية واسعة النطاق شاركت فيها الحكومة والمنظمات غير الحكومية وأصحاب المصلحة في القطاع الخاص؛ ووقّعت عليها في عام 2016 السيدة ن. ب. موكونيان التي كانت وزيرة المياه والصرف الصحي آنذاك. وتحدّد هذه السياسة مسؤوليات كلّ مستوى من مستويات الحكومة الثلاثة: الوطني والإقليمي والمحلي.

وتكلّف السياسة الوطنية للصرف الصحي الحكومة الوطنية بوضع قواعد ومعايير للخدمات. وفي عام 2017، وُضعت مسودّة اللوائح التنظيمية الخاصة بالمياه المنزلية والصرف الصحي،4 لكن لم يصدَّق عليها بعد.5 وُضعت خطة رئيسية وطنية للمياه والصرف الصحي، لتحديد أهداف تتعلّق بتقديم الخدمات، يتعيّن تحقيقها بحلول عام 2030 .6 وفي عام 2022، نُشرت مسودة سياسة بشأن خدمات المياه والصرف الصحي في الأراضي المملوكة ملكية خاصة، وهي متاحة للتعلييقات من قبل العامة.7

التكلفة

تكلفة السياسة الوطنية للصرف الصحي غير متاحة. وبناءً على الخطة الرئيسية للمياه والصرف الصحي (2018)، ثمّة حاجة إلى 900 مليار راند جنوب أفريقيا (حوالي 56 مليار دولار أمريكي) على مدى 10 سنوات لتحقيق تحسينات كبيرة ومستدامة في قطاع المياه والصرف الصحي.

التقييم

لم تُجرَ مراجعة السياسة الوطنية للصرف الصحي (2016) ولكنّ البيانات المتاحة تشير إلى إحرازها بعض التقدّم. ففي عام 2013، بلغت نسبة الوصول إلى خدمات الصرف الصحي الأساسية 78 في المائة. أما بحلول عام 2019، فارتفعت هذه النسبة إلى 82 في المائة.8 وعلى الرغم من ذلك، لا يزال هناك عجز في الخدمات، وقد بيّنت دراسة أُجريت في عام 2020 التحديات التالية :9

  • نقص الصيانة وأعمال التصليح: توفّر البلديات بانتظام مراحيض جديدة، لكنها غالباً ما تتخلّف عن وضع ميزانية للمراحيض المعطّلة ولعملية تصليحها، ممّا يقلّل من توافر الخدمات الوظيفية.
  • زيادة الأعمال المتأخّرة المتراكمة: يزداد عدد المستوطنات الحضرية العشوائية سنوياً. وتقلّل البلديات من أهمية هذا النمو. وتُخصَّص عادةً للخدمات في هذه المناطق ميزانية أقلّ مقارنةً بغيرها من المناطق، فتفتقر بعض المناطق للخدمات طيلة سنوات.
  • التقدّم غير المتكافئ: نسبة الوصول إلى خدمات الصرف الصحي أعلى في المدن مقارنةً بالأرياف10 التي عادةً ما تكون مواردها أقلّ.
  • ندرة المياه: ثمّة حاجة إلى مزيدٍ من الاستثمار في أشكال الصرف الصحي المستدامة، ولكنّ هذا الأمر لم يُمنح الأولوية.

تفاقمت هذه المشاكل على أثر كوفيد-19، لكنّ الجائحة لم تمنع بلديات عديدة من تقديم خدمات شاملة، والأمثلة على ذلك كثيرة. وتنصّ السياسة الوطنية للصرف الصحي على وجوب توفير خدمات الصرف الصحي للمستوطنات العشوائية بالتشاور مع المجتمع المحلي وبمشاركته. وساهمت هذه العملية التشاورية في إيجاد بيئة مؤاتية للسكان والمنظمات غير الحكومية للمشاركة مع البلديات في تأمين احتياجاتهم من الصرف الصحي، كما حفّزت البلديات على إحداث تغييرات في كيفية وضع الميزانية وتقديم الخدمات، لا سيما للمقيمين في المستوطنات الحضرية العشوائية. وعلى سبيل المثال، أفاد أسيفيكلاين، وهو ائتلاف وطني للمنظمات الشعبية التي تعنى بالمستوطنات العشوائية، يدعو إلى الوصول الآمن والموثوق إلى الخدمات في المستوطنات العشوائية، بالتحسينات التالية في الميزانية وتقديم الخدمات. ونُفّذت هذه التغييرات بعد انخراط الائتلاف في العمل مع الحكومة على نطاقٍ واسع.11

2022

  • قدّمت مدينة إيكورهولاني مراحيض كيميائية إضافية، وعدّلت المواصفات للاستجابة للعديد من مسائل الجودة والسلامة التي أثارها السكان.
  • عدّلت مدينة تشواني مواصفاتها للصرف الصحي لضمان إمكانية وصول المقيمين من مستخدمي الكراسي المتحركة إلى المراحيض المشتركة.
  • رفعت مدينة جوهانسبرغ ميزانية الصرف الصحي للمستوطنات العشوائية بنحو 20 مليون راند جنوب أفريقيا (1.2 مليون دولار أمريكي)، بعد أن عمد السكان إلى تقديم تقارير خطيّة.

2023

  • • زادت مدينة كيب تاون الميزانية المخصّصة لخدمات الصرف الصحي في المستوطنات العشوائية بنسبة 36 في المائة.
  • أشرك السكان بلدية كنيسنا في المطالبة بخدمات صرف صحي ملائمة للنساء، فأمّنت البلدية مراحيض منفصلة للرجال والنساء، وحدّد السكان الموقع الأكثر أماناً لهذه المراحيض.

وتجدر الإشارة إلى أنّ غالبية سكان المستوطنات العشوائية المنضمّة إلى ائتلاف أسيفيكلين هم من الإناث (أكثر من 60 في المائة)، وقد أدّت المرأة دوراً محورياً في قيادة الدعوة والمشاركة الحكومية.

وتوضح الأمثلة الواردة أعلاه أهمية السياسات التي تعزّز تقديم الخدمات الشاملة والقائمة على المشاركة، في تحقيق المساءلة وإعادة التوزيع. ومع ذلك، لا يزال يتعيّن القيام بالكثير لبناء شراكات موثوقة بين الحكومة والمجتمعات المحلية في جنوب أفريقيا. ويتمثّل التحدي في توسيع نطاق هذا النهج الشامل وإدماجه على جميع مستويات الحكومة.

المراجع

وسوم