Back to Home العربية
NYU Pathfinders logo
التعليم الدامج للأطفال ذوي الإعاقة: لبنان

مشروع التعليم الدامج للأطفال ذوي الإعاقة في لبنان

3 يونيو 2023
تأليف: رباب حطيط

تماشيًا مع الخطة الوطنية التربوية لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة في مؤسسات التعليم التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان عام 2012، أُطلق المشروع التجريبي للتعليم الدامج في عام 2018، وشمل 30 مدرسة حكومية من المحافظات اللبنانية الخمس. ويهدف المشروع إلى تعزيز دمج الأطفال ذوي الإعاقة في التعليم الرسمي (الذين يعانون من إعاقات بدنية أو عقلية أو ذهنية أو حسية على المدى البعيد، قد تتفاعل مع حواجز أخرى فتمنع مشاركتهم بشكل كامل وفعّال على أساس متكافئ مع سواهم في المجتمع) .1

قبل انطلاق المشروع، كان الأطفال ذوو الإعاقة في لبنان عرضةً لعدم تلقي تعليم واف، أو لتلقي التعليم في مؤسسات متخصّصة من خارج نظام التعليم الرسمي، ما ساهم في خلق وتعزيز ثقافة الإقصاء والتمييز ضدّهم.2

وفي عام 2012، أطلقت وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان خطة للدمج ، لكن تنفيذها واجه صعوبات بسبب انعدام التمويل.3

التنفيذ

في عام 2018، بدأت الوزارة تنفيذ استراتيجية الدمج في التعليم من خلال مشروع تجريبي للتعليم الدامج، تُموّله جهات مانحة. في عام 2018، بدأت الوزارة تنفيذ استراتيجية الدمج في التعليم من خلال مشروع تجريبي للتعليم الدامج، تُموّله جهات مانحة. وشمل هذا المشروع 30 مدرسة حكومية موزّعة على المحافظات الخمس، لإتاحته لأكبر عدد ممكن من الأطفال ذوي الإعاقة. ويهدف المشروع إلى إلحاق الأطفال ذوي الإعاقة في المدارس الحكومية وزيادة قدرة نظام التعليم والمجتمعات المحلية على توفير التعليم الدامج. وتم قبول الأطفال ذوي الإعاقة في المدارس الثلاثين المذكورة من دون شروط، ومُنحوا مقاعد دراسية في الفصول النظامية، أما وصولهم إلى الخدمات المتخصصة لذوي الإعاقة داخل المدرسة فتطلّب تقييماً لحالتهم من طبيب أو معالج نفسي.

يعمل في المشروع 30 أخصّائيّاً تربويّاً بدوام كامل – بمعدل أخصائي واحد لكل مدرسة – وفريقٌ من الأخصائيين بدوام جزئي (يضمّ أخصائيين نفسانيين، ومعالجين حركيين، وأخصائيي علاج النطق) يوفّرون دعمًا تربويّاً متخصصاً. وقد قدّم المركز التربوي للبحوث والإنماء وكلية التربية في الجامعة اللبنانية التدريب اللازم للمعلمين والمديرين على تقنيات الدمج في التعليم، ومنها منهجية نظام الدعم متعدد المستويات (MTSS) والتعليم المتمايز (الذي يقوم على تكييف الدروس مع احتياجات الطالب).

وأنشأت وزارة التربية والتعليم العالي وحدة تربوية متخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة للإشراف على المشروع وإعداد مواد تدريبية للمعلمين، على غرار دلائل تعليمية للمصابين بالشلل الدماغي واضطرابات طيف التوحد واضطرابات النموّ العقلي. وأنشأت الوزارة أيضاً نظام إحالة لتمكين الأطفال ذوي الإعاقة من الوصول إلى خدمات التدخل والأجهزة الضرورية (بما فيها الإمدادات التقنية ووسائل المساعدة).

كذلك عقدت جلسات للمجتمعات المحلية وأولياء الأمور لتوعيتهم بأهمية الدمج في التعليم وإبراز تأثيره الإيجابي على المتعلمين والمجتمع، وتسليط الضوء على حقوق الأطفال ذوي الإعاقة.

التكلفة

ينضوي المشروع تحت مظلة مشروع أوسع بشأن الوصول إلى التعليم والتعلّم عالي الجودة في لبنان، تبلغ ميزانيته 15 مليون دولار أمريكي، تموّله الحكومة الكندية وتنفّذه منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف). وليس واضحاً حجم المبلغ المرصود لمشروع التعليم الدامج.4

التقييم

استفادت المدارس الثلاثون من أخصائيين تربويين ومعدات وخدمات متخصصة، ومن تدريب جعل معلميها أكثر تمكّناً من ممارسات الدمج في التعليم. وشملت مبادرات توعية المجتمعات المحلية وإشراكها أكثر من 3,500 فرد، كما تلقى أكثر من 5,910 من الأطفال ذوي الإعاقة دعمًا للانخراط في التعليم الرسمي النظامي و غير النظامي (كالمشاركة في الرحلات والأنشطة المدرسية التي تقام بعد الدوام والتفاعل مع المجتمع).5

وأشار تقييم أجرته منظمة اليونيسف في عام 2021 إلى أن المدارس التي شملها المشروع التجريبي تمكنت بفضل الدعم المتخصص من اعتماد سياسات دامجة (شملت منهجية نظام الدعم متعدد المستويات والتعليم المتمايز المذكورين أعلاه). ونتيجة لذلك، ارتفع عدد التلاميذ ذوي الإعاقة المسجلين في فصول المدارس الحكومية الثلاثين من 1,147 تلميذاً في العام الدراسي 2018-2019 إلى 1,547 تلميذاً (59 في المائة من الذكور و41 في المائة من الإناث) في العام الدراسي 2019-2020. ويذكر أن 75 في المائة من ذوي الإعاقة الملتحقين بهذه المدارس كانوا يعانون من صعوبات في التعلّم، و18 في المائة من صعوبات سلوكية، و5 في المائة من إعاقات ذهنية.

وخلال جائحة كوفيد-19، تمّ تكييف المشروع مع متطلّبات توفير التعليم الدامج عن بُعد، من خلال إتاحة مقاطع فيديو وملفات صوتية تراعي مختلف احتياجات ذوي الإعاقة، وغير ذلك، وُزّعت عبر منصات مايكروسوفت تيمز، وواتساب، والمكالمات الصوتية، والبريد الإلكتروني. وخضعت عملية التكييف للمراقبة عن كثب من خلال تقديم تقارير أسبوعية.6 ورغم تنفيذ خطة إدارة الأزمات في مجال التعليم الدامج، ظل عدد كبير من الأطفال ذوي الإعاقة خارج المدرسة.7 كذلك عجز العديد من أولياء الأمور عن تحمل تكاليف تعليم أولادهم بسبب الأزمة الاقتصادية: ففي عام 2022، أشار 72 في المائة من الأهل أنهم باتوا غير قادرين على دفع الأقساط المدرسية لأبنائهم، ما أدى إلى انخفاض النسبة الإجمالية لالتحاق الأطفال في سن الدراسة بالمدارس من 60 في المائة خلال عام 2020-2021 إلى 43 في المائة خلال عام 2021-2022 .8

وبسبب النجاح الذي حققه المشروع التجريبي، قدمت وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث في المملكة المتحدة في عام 2021 التمويل اللازم لتوسيع نطاقه ليشمل 60 مدرسة حكومية (لا تتوفّر تقييمات دقيقة حتى الآن). وتخطط وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان لتحويل جميع المدارس الحكومية، على مراحل، إلى مدارس تراعي مبدأ التعليم الدامج، وذلك في سياق خطة التنمية المستدامة لعام 2030. 9 وبسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي بدأت في لبنان في عام 2019، يتوقف توسيع المشروع على مستوى الوطن على تمويل الجهات المانحة.

المراجع

وسوم